السبت، 13 يوليو 2013

الصحابى الزبير بن العوام رضى الله عنه

الزبير بن العوامـ
ابن خويلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالبحواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وابن عمته صفية بنت عبد المطلب ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله -رضي الله عنه- ، أسلم وهو حدث ، له ست عشرة سنة


وروى الليث ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال : أسلم الزبير ، ابن ثمان سنين ، ونفحتْ نفحة من الشيطان أن رسول الله أُخِذَ بأعلى مكة ، فخرج الزبير وهو غلام ، ابن اثنتي عشرة سنة ، بيده السيف ، فمن رآه عجب ، وقال : الغلام معه السيف ، حتى أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ما لك يا زبير ؟ فأخبره وقال : أتيت أضرب بسيفي من أخذك .

وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا إذا ركب خطت رجلاه الأرض ، وكان خفيف اللحية والعارضين .

روى أحاديث يسيرة .

حدث عنه بنوه : عبد الله ، ومصعب ، وعروة ، وجعفر ، ومالك بن أوس بن الحدثان ، والأحنف بن قيس ، وعبد الله بن عامر بن كريز ، ومسلم بن جندب ، وأبو حكيم مولاه ، وآخرون .

اتفقا له على حديثين ، وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث ، ومسلم بحديث .

أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة ، إذنا ، قالوا: أنبأنا حنبل ، أنبأنا ابن الحصين ، حدثنا ابن المذهب . أنبأنا أبو بكر القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي (ح) وأنبأنا محمد بن عبد السلام ، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم ، أنبأنا أبو سعد الطبيب ، أنبأنا أبو عمرو الحِيري ، أنبأنا أبو يعلى ، حدثنا زهير ، قالا : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا شعبة ، عن جامع بن شداد عن عامر ولفظ أبي يعلى : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي : ما لك لا تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يحدث عنه فلان وفلان ؟ قال : ما فارقته منذ أسلمت ، ولكن سمعت منه كلمة ، سمعته يقول : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار لم يقل أبو يعلى متعمدا . أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الحلبي ، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف ، أنبأنا عبد الحق اليوسفي ، أنبأنا علي بن محمد ، أنبأنا علي بن أحمد المقرئ ، حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا أحمد بن علي بن مسلم ، حدثنا أبو الوليد (ح) وحدثنا بشر ، حدثنا عمرو بن حكام ، قالا : حدثنا شعبة ، عن جامع بن شداد ، عن عامر بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي : ما لك لا تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يحدث ابن مسعود ؟ قال : أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ، ولكن سمعته يقول : من كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار .

رواه خالد بن عبد الله الطحان ، عن بيان بن بشر عن وبرة ، عن عامر بن عبد الله نحوه . أخرج طريق شعبة البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، والقزويني.

قال إسحاق بن يحيى : عن موسى بن طلحة قال : كان علي ، والزبير ، وطلحة ، وسعد ، عِذار عام واحد ، يعني ولدوا في سنة .

وقال المدائني : كان طلحة ، والزبير ، وعلي ، أترابا .

وقال يتيم عروة : هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة ، وكان عمه يعلقه ويدخن عليه، وهو يقول : لا أرجع إلى الكفر أبدا .

قال عروة : جاء الزبير بسيفه ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لك ؟ قال : أُخْبِرُت أنك أُخِذْتَ . قال : فكنت صانعا ماذا ؟ قال : كنت أضرب به من أخذك . فدعا له ولسيفه .

وروى هشام عن أبيه عروة ، أن الزبير كان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة ، أشعر ، وكانت أمه صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم ، فقيل لها : قتلته ، أهلكته ، قالت : إنمـا أضربه لكــي يدب



ويجـر الجيش ذا الجلــب

قال : وكسر يد غلام ذات يوم ، فجيء بالغلام إلى صفية ، فقيل لها ذلك ، فقالت : كـيف وجــدت وبـــرا



أأقـطــا أم تمـــرا

أم مشمعـلا صقـــرا قال ابن إسحاق : وأسلم -على ما بلغني- على يد أبي بكر : الزبير ، وعثمان ، وطلحة ، وعبد الرحمن ، وسعد .

وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال : قاتل الزبير مع نبي الله ، وله سبع عشرة .

أسد بن موسى ، حدثنا جامع أبو سلمة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن البهي قال : كان يوم بدر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فارسان : الزبير على فرس على الميمنة ، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة .

وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء ، فنزل جبريل على سيماء الزبير .

الزبير بن بكار : عن عقبة بن مكرم ، حدثنا مصعب بن سلام ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر الباقر ، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء ، فنزلت الملائكة كذلك .

وهو ممن هاجر إلى الحبشة -فيما نقله موسى بن عقبة وابن إسحاق- ولم يطول الإقامة بها .

أبو معاوية ، عن هشام عن أبيه ، قالت عائشة : يا ابن أختي كان أبواك -يعني الزبير وأبا بكر- من الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ .

لما انصرف المشركون من أحد ، وأصاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ما أصابهم ، خاف أن يرجعوا ، فقال : من ينتدب لهؤلاء في آثارهم ، حتى يعلموا أن بنا قوة ، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين ، فخرجوا في آثار المشركين ، فسمعوا بهم ، فانصرفوا ، قال تعالى : فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ الآية لم يلقوا عدوا .

وقال البخاري ، ومسلم: جابر : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق : من يأتينا بخبر بني قريظة ؟ فقال الزبير : أنا ، فذهب على فرس ، فجاء بخبرهم . ثم قال الثانية ، فقال الزبير : أنا ، فذهب ، ثم الثالثة ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : لكل نبي حواري ، وحواري الزبير . رواه جماعة عن ابن المنكدر عنه .

وروى جماعة ، عن هشام عن أبيه ، عن ابن الزبير قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إن لكل نبي حواريا ، وإن حواري الزبير .

أبو معاوية : عن هشام بن عروة ، عن ابن المنكدر ، عن جابر ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : الزبير ابن عمتي ، وحواري من أمتي .

يونس بن بكير : عن هشام ، عن أبيه عن الزبير قال: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فقال : لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي .

وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، عن عاصم ، عن زر قال : استأذن ابن جرموز على علي وأنا عنده ، فقال علي : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : لكل نبي حواري وحواري الزبير تابعه شيبان ، وحماد بن سلمة .

وروى جرير الضبي ، عن مغيرة ، عن أم موسى قالت : استأذن قاتل الزبير ، فذكره .

وروى يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد اليزني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : وحواري من الرجال الزبير ، ومن النساء عائشة .

ابن أبي عروبة : عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه سمع رجلا يقول : يا ابن حواري رسول الله ، فقال ابن عمر : إن كنت من آل الزبير ، وإلا فلا .

رواه ثقتان عنه ، والحواري : الناصر .

وقال مصعب الزبيري : الحواري : الخالص من كل شيء . وقال الكلبي : الحواري : الخليل .

هشام بن عروة : عن أبيه ، عن ابن الزبير عن أبيه قال : جمع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبويه .

أخبرنا ابن أبي عصرون ، أنبأنا أبو روح ، أنبأنا تميم المقرئ ، أنبأنا أبو سعد الأديب ، أنبأنا أبو عمرو الحيري ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا حوثرة بن أشرس ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن ابن الزبير قال له : يا أبة ، قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق ، قال : يا بني ، رأيتني ؟ قال : نعم ، قال : فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ ليجمع لأبيك أبويه ، يقول : ارمِ فداك أبي وأمي .

أحمد في "مسنده" : حدثنا أبو أسامة ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير قال : لما كان يوم الخندق ، كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أطم حسان ، فكان عمر يرفعني وأرفعه ، فإذا رفعني ، عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة ، فيقاتلهم .

الرياشي ، حدثنا الأصمعي ، حدثنا ابن أبي الزناد قال : ضرب الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره ، فقطعه إلى القربوس فقالوا : ما أجود سيفك ! فغضب الزبير ، يريد أن العمل ليده لا للسيف .

أبو خيثمة : حدثنا محمد بن الحسن المديني ، حدثتني أم عروة بنت جعفر ، عن أختها عائشة ، عن أبيها عن جدها الزبير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة ، فدخل الزبير مكة بلواءين .

وعن أسماء قالت : عندي للزبير ساعدان من ديباج ، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاهما إياه ، فقاتل فيهما .

رواه أحمد في "مسنده" من طريق ابن لهيعة. علي بن حرب : حدثنا ابن وهب ، عن ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزبير يَلْمَقَ حرير محشو بالقَز ، يقاتل فيه .

وروى يحيى بن يحيى الغساني ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قال الزبير : ما تخلفت عن غزوة غزاها المسلمون إلا أن أقبل فألقى ناسا يعقبون .

وعن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة : حمزة ، وعلي ، والزبير .

حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، أخبرني من رأى الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي .

معمر ، عن هشام عن عروة قال : كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف : إحداهن في عاتقه ، إن كنت لأدخل أصابعي فيها ، ضرب ثنتين يوم بدر ، وواحدة يوم اليرموك .

قال عروة : قال عبد الملك بن مروان ، حين قتل ابن الزبير : يا عروة ، هل تعرف سيف الزبير؟ قلت : نعم . قال: فما فيه ؟ قلت : فلة فلها يوم بدر ، فاستله فرآها فيه ، فقال : ثم أغمده ورده علي ، فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف ، فأخذه بعضنا ، ولوددت أني كنت أخذته .

يحيى بن سعيد الأنصاري : عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان على حراء ، فتحرك . فقال : اسكن حراء ؛ فما عليك إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد . وكان عليه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير .

الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا ، وذكر منهم عليا .

وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة ، ومر في ترجمة طلحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : طلحة والزبير جاراي في الجنة .

أبو جعفر الرازي : عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال : قال عمر : إنهم يقولون : استخلف علينا ، فإن حدث بي حدث ، فالأمر في هؤلاء الستة الذين فارقهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وهو عنهم راض ، ثم سماهم .

أحمد في "مسنده" : حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام ، عن أبيه ، عن مروان ، ولا إخاله متهما علينا ، قال: أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف ، حتى تخلف عن الحج وأوصى ، فدخل عليه رجل من قريش ، فقال : استخلف ، قال : وقالوه ؟ قال : نعم. قال : من هو ؟ فسكت ، قال : ثم دخل عليه رجل آخر ، فقال له مثل ذلك ، ورد عليه نحو ذلك . قال : فقال عثمان : قالوا الزبير ؟ قالوا : نعم . قال : أما والذي نفسي بيده ، إن كان لأخيرهم ما علمت ، وأحبهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم . رواه أبو مروان الغساني عن هشام نحوه .

وقال هشام ، عن أبيه ، قال عمر: لو عهدت أو تركت تركة ، كان أحبهم إلي الزبير ؛ إنه ركن من أركان الدين .

ابن عيينة : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة ، منهم عثمان ، وابن مسعود ، وعبد الرحمن ، فكان ينفق على الورثة من ماله ، ويحفظ أموالهم .

ابن وهب : حدثنا عمرو بن الحارث ، حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن الزبير خرج غازيا نحو مصر ، فكتب إليه أمير مصر : إن الأرض قد وقع بها الطاعون ، فلا تدخلها ، فقال : إنما خرجت للطعن والطاعون ، فدخلها ، فلقي طعنة في جبهته فأفرق .

عوف : عن أبي رجاء العطاردي ، قال : شهدت الزبير يوما ، وأتاه رجل ، فقال : ما شأنكم أصحاب رسول الله ؟ أراكم أخف الناس صلاة ! قال : نبادر الوسواس .

الأوزاعي : حدثني نهيك ابن مريم ، حدثنا مغيث بن سمي ، قال : كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج ، فلا يُدْخِلُ بيته من خراجهم شيئا .

رواه سعيد بن عبد العزيز نحوه ، وزاد : بل يتصدق بها كلها .

وقال الزبير بن بكار : حدثني أبو غزية محمد بن موسى ، حدثنا عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت : مر الزبير بمجلس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحسان ينشدهم من شعره ، وهم غير نشاط لما يسمعون منه ، فجلس معهم الزبير ، ثم قال : ما لي أراكم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة ! فلقد كان يعرض به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فيحسن استماعه ، ويجزل عليه ثوابه ، ولا يشتغل عنه ، فقال حسان يمدح الزبير : أقـام علـى عهـد النبـي وهديــه


قال جويرية بن أسماء : باع الزبير دارا له بست مائة ألف ، فقيل له : يا أبا عبد الله ، غبنت ! قال : كلا ، هي في سبيل الله .

الليث : عن هشام بن عروة ، أن الزبير لما قتل عمر ، محا نفسه من الديوان ، وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان ، محا نفسه من الديوان .

أحمد في "المسند" : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم : حدثنا شداد بن سعيد ، حدثنا غيلان بن جرير : عن مطرف : قلت للزبير : ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل ، ثم جئتم تطلبون بدمه ؟ قال : إنا قرأنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً لم نكن نحسب أنا أهلها ، حتى وقعت منا حيث وقعت .

مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، أن رجلا أتى الزبير وهو البصرة فقال : ألا أقتل عليا ؟ قال : كيف تقتله ومعه الجنود ؟ قال : ألحق به ، فأكون معك ، ثم أفتك به ، قال : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن . هذا في "المسند" ، وفي "الجعديات" .

الدولابي في "الذرية الطاهرة" : حدثنا الدقيقي ، حدثنا يزيد ، سمعت شريكا ، عن الأسود بن قيس ، حدثني من رأي الزبير يقتفي آثار الخيل قَعْصا بالرمح ، فناداه علي : يا أبا عبد الله ، فأقبل عليه ، حتى التقت أعناق دوابهما ، فقال : أنشدك بالله ، أتذكر يوم كنت أناجيك ، فأتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : تناجيه ! فوالله ليقاتلنك وهو لك ظالم ؟ قال : فلم يعد أن سمع الحديث ، فضرب وجه دابته ، وذهب .

قال أبو شهاب الحناط وغيره : عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل : يا ابن صفية ، هذه عائشة تُمَلِّكُ الْمُلْكَ طَلْحَةَ ، فأنت علام تقاتل قريبك عليا ؟ زاد فيه غير أبي شهاب : فرجع الزبير ، فلقيه ابن جُرْموز فقتله .

قتيبة : حدثنا الليث عن ابن أبي فروة أخي إسحاق ، قال : قال علي : حاربني خمسة : أطوع الناس في الناس : عائشة ، وأشجع الناس : الزبير ، وأمكر الناس : طلحة لم يدركه مكر قط ، وأعطى الناس : يعلى بن مُنْيَة وأعبد الناس : محمد بن طلحة ، كان محمودا حتى استزله أبوه ، وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا والسلاح والفرس على أن يحاربني .

قال عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي : عن جده ، عن أبي جرو المازني ، قال : شهدت عليا والزبير حين تواقفا ، فقال علي : يا زبير ، أنشدك الله ، أسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : إنك تقاتلني وأنت لي ظالم ؟ قال : نعم ولم أذكره إلا في موقفي هذا ، ثم انصرف . رواه أبو يعلى في "مسنده" وقد روى نحوه من وجوه سقنا كثيرا منها في كتاب "فتح المطالب" .

قال يزيد بن أبي زياد : عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : انصرف الزبير يوم الجمل عن علي ، فلقيه ابنه عبد الله ، فقال : جُبْنا ، جُبْنا ! قال : قد علم الناس أني لست بجبان ، ولكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فحلفت أن لا أقاتله ، ثم قال : تـرك الأمـور التـي أخشـى عواقبها

في الله أحسن في الدنيا وفي الديــن

وقيل : إنه أنشد : ولقـد علمـت لو أن علمي نافعــي

أن الحيــاة مـن الممـات قريــب

فلم ينشب أن قتله ابن جرموز.

وروى حصين بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن جاوان قال : قُتِلَ طلحة وانهزموا ، فأتى الزبير سَفَوان فلقيه النَّعِرُ المجاشعي ، فقال : يا حواري رسول الله ، أين تذهب ؟ تعال ، فأنت في ذمتي ، فسار معه ، وجاء رجل إلى الأحنف فقال : إن الزبير بسفوان ، فما تأمر إن كان جاء ، فحمل بين المسلمين ، حتى إذا ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف ، أراد أن يلحق ببنيه ؟ قال : فسمعها عمير بن جرموز ، وفضالة بن حابس ، ورجل يقال له نفيع ، فانطلقوا حتى لقوه مقبلا مع النعر وهم في طلبه ، فأتاه عمير من خلفه ، وطعنه طعنة ضعيفة ، فحمل عليه الزبير ، فلما استلحمه وظن أنه قاتله ، قال : يا فضالة ، يا نفيع ، قال : فحملوا على الزبير حتى قتلوه .

عبيد الله بن موسى : حدثنا فضيل بن مرزوق ، حدثني شقيق بن عقبة عن قرة بن الحارث ، عن جون بن قتادة قال : كنت مع الزبير يوم الجمل ، وكانوا يسلمون عليه بالإمرة ، إلى أن قال : فطعنه ابن جرموز ثانيا ، فأثبته ، فوقع ، ودفن بوادي السباع ، وجلس علي -رضي الله عنه- ، يبكي عليه هو وأصحابه .

قرة بن حبيب : حدثنا الفضل بن أبي الحكم ، عن أبي نضرة قال : جيء برأس الزبير إلى علي ، فقال علي : تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار ، حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قاتل الزبير في النار .

شعبة ، عن منصور بن عبد الرحمن ، سمعت الشعبي يقول : أدركت خمس مائة أو أكثر من الصحابة يقولون : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير في الجنة .

قلت : لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة ، ومن البدريين ، ومن أهل بيعة الرضوان ، ومن السابقين الأولين الذين أخبر -تعالى- أنه رضي عنهم ورضوا عنه ، ولأن الأربعة قتلوا ، ورزقوا الشهادة ، فنحن محبون لهم ، باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة .

أبو أسامة ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن الزبير قال : لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج لا يرى إلا عيناه ، وكان يكني أبا ذات الكرش ، فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه ، فمات ، فأخبرت أن الزبير قال : لقد وضعت رجلي عليه ، ثم تمطيت ، فكان الجهد أن نزعتها ، يعني الحربة ، فلقد انثنى طرفها .

قال عروة : فسأله إياها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأعطاه إياها ، فلما قبض ، أخذها ، ثم طلبها أبو بكر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض أبو بكر ، سألها عمر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض عمر أخذها ، ثم طلبها عثمان منه ، فأعطاه إياها ، فلما قبض وقعت عند آل علي ، فطلبها عبد الله بن الزبير ، فكانت عنده حتى قتل .

غريب ، تفرد به البخاري .

ابن المبارك : أنبأنا هشام ، عن أبيه أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا للزبير : ألا تشد فنشد معك ؟ قال : إني إن شددت ، كذبتم . فقالوا : لا نفعل . فحمل عليهم حتى شق صفوفهم ، فجاوزهم وما معه أحد ، ثم رجع مقبلا ، فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين ، ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر . قال عروة : فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير ، قال : وكان معه عبد الله بن الزبير وهو ابن عشر سنين ، فحمله على فرس ، ووكل به رجلا .

قلت : هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله ؛ فإن عبد الله كان إذ ذاك ابن عشر سنين .

أبو بكر بن عياش : حدثنا سليمان ، عن الحسن قال : لما ظفر علي بالجمل ، دخل الدار والناس معه ، فقال علي : إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة ، وأتباعه إلى النار ! فقال الأحنف : من هو ؟ قال : الزبير .

في إسناده إرسال ، وفي لفظه نكارة ، فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير ، أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار ، بل نفوض أمرهم إلى الله ، ونستغفر لهم . بلى : الخوارج كلاب النار ، وشر قتلى تحت أديم السماء ، لأنهم مرقوا من الإسلام ، ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا ، ولا نحكم عليهم بخلود النار ، بل نقف .

قال الواقدي وابن نمير : قتل وله أربع وستون سنة . وقال غيرهما : قيل وله بضع وخمسون سنة ، وهو أشبه .

قال القحذمي : كانت تحته أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة أخت سعيد بن زيد ، وأم خالد بنت خالد بن سعيد ، وأم مصعب الكلبية .

قال ابن المديني : سمعت سفيان يقول : جاء ابن جرموز إلى مصعب بن الزبير -يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير- فقال : أقدني بالزبير ، فكتب في ذلك يشاور ابن الزبير ، فجاءه الخبر : أنا أقتل ابن جرموز بالزبير ؟ ولا بشسع نعله.

قلت : أكل الْمُعَثَّر يديه ندما على قتله ، واستغفر ، لا كقاتل طلحة ، وقاتل عثمان ، وقاتل علي .

الزبير : حدثني علي بن صالح ، عن عامر بن صالح ، عن مسالم بن عبد الله بن عروة ، عن أبيه أن عمير بن جرموز أتى ، حتى وضع يده في يد مصعب ، فسجنه ، وكتب إلى أخيه في أمره ، فكتب إليه أن بئس ما صنعت ، أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير ؟ خل سبيله ، فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه أزج ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه ، فطرحه عليه ، فقتله ، وكان قد كره الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه .

قال ابن قتيبة : حدثنا محمد بن عتبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف درهم ، ومن العين خمسين ألف ألف درهم . كذا هذه الرواية. وقال ابن عيينة : عن هشام ، عن أبيه قال : اقتسم مال الزبير على أربعين ألف ألف .

أبو أسامة : أخبرني هشام بن عروة ، عن أبيه عن ابن الزبير قال : لما وقف الزبير يوم الجمل ، دعاني ، فقمت إلى جنبه ، فقال : يا بني ، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما ، وإن من أكبر همي لَدَيْنِي ، أفترى دَيْنَنَا يبقي من مالنا شيئا ؟ يا بني ، بع ما لنا ، فاقض ديني ، فأوص بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله ، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء ، فثلث لولدك .

قال هشام : وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد ، وله يومئذ تسع بنات ، قال عبد الله : فجعل يوصيني بِدَيْنِهِ ، ويقول : يا بني ، إن عجزت عن شيء منه ، فاستعن بمولاي ، قال : فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت : يا أبة ، من مولاك ؟ قال : الله عز وجل. قال : فوالله ما وقعت في كربة من دَيْنِهِ إلا قلت : يا مولى الزبير، اقض عنه ؛ فيقضيه.

قال : وقتل الزبير ، ولم يدع دينارا ولا درهما ، إلا أرضين بالغابة ، ودارا بالمدينة ، ودارا بالبصرة ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر . قال : وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال ، فيستودعه ، فيقول الزبير : لا ولكن هو سلف ، إني أخشى عليه الضيعة . وما ولي إمارة قط ، ولا جباية ، ولا خراجا ، ولا شيئا ، إلا أن يكون في غزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أو مع أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، فحسبت دينه ، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف ، فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله، فقال : يا ابن أخي ، كم على أخي من الدين ؟ فكتمه ، وقال : مائة ألف ، فقال حكيم : ما أرى أموالكم تتسع لهذه؟ فقال عبد الله : أفرأيت إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف ؟ قال : ما أراكم تطيقون هذا ، فإن عجزتم عن شيء ، فاستعينوا بي. وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف ، فباعها عبد الله بألف ألف وست مائة ألف ، وقال : من كان له على الزبير دَيْن ، فليأتنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر ، وكان له على الزبير أربع مائة ألف ، فقال لابن الزبير : إن شئت ، تركتها لكم ، قال : لا ، قال : فاقطعوا لي قطعة ، قال : لك من هاهنا إلى هاهنا ، قال : فباعه بقضاء دَيْنِهِ ، قال : وبقي منها أربعة أسهم ونصف ، فقال المنذر بن الزبير : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال عمرو بن عثمان : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال ابن ربيعة : قد أخذت سهما بمائة ألف ، فقال معاوية : كم بقي ؟ قال سهم ونصف ، قال : قد أخذته بمائة وخمسين ألفا ، قال : وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بست مائة ألف ، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دَيْنِهِ ، قال بنو الزبير : اقسم بيننا ميراثنا ، قال : لا والله ، حتى أنادي بالموسم أربع سنين : ألا من كان له على الزبير دَيْن فليأتنا فلنقضه ، فجعل كل سنة ينادي بالموسم ، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم . فكان للزبير أربع نسوة . قال : فرفع الثلث ، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف ، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف .

للزبير في "مسند بقي بن مخلد" ثمانية وثلاثون حديثا ، منها في "الصحيحين" حديثان ، وانفرد البخاري بسبعة أحاديث .

قال هشام : عن أبيه ، قال : بلغ حصة عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم .
المصدر موقع الاحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قم باضافة
مقترحاتك ,تعليقاتك ,ارائك , او ما تحتاجه من مقالات لتزويدك بها
نتلقهاها بصـدر رحب من حضراتكم... حتى المـجـهـولـة منهـا
^_^ بـانـتـظـار تـعـلـيـقـاتــــكمـ :-

followers