الزبير بن العوامـ
ابن خويلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب . حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وابن عمته صفية بنت عبد المطلب ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله -رضي الله عنه- ، أسلم وهو حدث ، له ست عشرة سنة .
ابن خويلد بن أسد بن عبد العُزَّى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب . حواري رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وابن عمته صفية بنت عبد المطلب ، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأول من سل سيفه في سبيل الله، أبو عبد الله -رضي الله عنه- ، أسلم وهو حدث ، له ست عشرة سنة .
وروى الليث ، عن أبي الأسود ، عن عروة قال : أسلم الزبير ، ابن ثمان سنين ، ونفحتْ نفحة من الشيطان أن رسول الله أُخِذَ بأعلى مكة ، فخرج الزبير وهو غلام ، ابن اثنتي عشرة سنة ، بيده السيف ، فمن رآه عجب ، وقال : الغلام معه السيف ، حتى أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : ما لك يا زبير ؟ فأخبره وقال : أتيت أضرب بسيفي من أخذك .
وقد ورد أن الزبير كان رجلا طويلا إذا ركب خطت رجلاه الأرض ، وكان خفيف اللحية والعارضين .
روى أحاديث يسيرة .
حدث عنه بنوه : عبد الله ، ومصعب ، وعروة ، وجعفر ، ومالك بن أوس بن الحدثان ، والأحنف بن قيس ، وعبد الله بن عامر بن كريز ، ومسلم بن جندب ، وأبو حكيم مولاه ، وآخرون .
اتفقا له على حديثين ، وانفرد له البخاري بأربعة أحاديث ، ومسلم بحديث .
أخبرنا المسلم بن محمد وجماعة ، إذنا ، قالوا: أنبأنا حنبل ، أنبأنا ابن الحصين ، حدثنا ابن المذهب . أنبأنا أبو بكر القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي (ح) وأنبأنا محمد بن عبد السلام ، أنبأنا عبد المعز بن محمد، أنبأنا تميم ، أنبأنا أبو سعد الطبيب ، أنبأنا أبو عمرو الحِيري ، أنبأنا أبو يعلى ، حدثنا زهير ، قالا : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا شعبة ، عن جامع بن شداد عن عامر ولفظ أبي يعلى : سمعت عامر بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي : ما لك لا تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يحدث عنه فلان وفلان ؟ قال : ما فارقته منذ أسلمت ، ولكن سمعت منه كلمة ، سمعته يقول : من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار لم يقل أبو يعلى متعمدا . أخبرنا أبو سعيد سنقر بن عبد الله الحلبي ، أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف ، أنبأنا عبد الحق اليوسفي ، أنبأنا علي بن محمد ، أنبأنا علي بن أحمد المقرئ ، حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا أحمد بن علي بن مسلم ، حدثنا أبو الوليد (ح) وحدثنا بشر ، حدثنا عمرو بن حكام ، قالا : حدثنا شعبة ، عن جامع بن شداد ، عن عامر بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي : ما لك لا تحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يحدث ابن مسعود ؟ قال : أما إني لم أفارقه منذ أسلمت ، ولكن سمعته يقول : من كذب علي متعمدا ، فليتبوأ مقعده من النار .
رواه خالد بن عبد الله الطحان ، عن بيان بن بشر عن وبرة ، عن عامر بن عبد الله نحوه . أخرج طريق شعبة البخاري ، وأبو داود ، والنسائي ، والقزويني.
قال إسحاق بن يحيى : عن موسى بن طلحة قال : كان علي ، والزبير ، وطلحة ، وسعد ، عِذار عام واحد ، يعني ولدوا في سنة .
وقال المدائني : كان طلحة ، والزبير ، وعلي ، أترابا .
وقال يتيم عروة : هاجر الزبير وهو ابن ثمان عشرة سنة ، وكان عمه يعلقه ويدخن عليه، وهو يقول : لا أرجع إلى الكفر أبدا .
قال عروة : جاء الزبير بسيفه ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لك ؟ قال : أُخْبِرُت أنك أُخِذْتَ . قال : فكنت صانعا ماذا ؟ قال : كنت أضرب به من أخذك . فدعا له ولسيفه .
وروى هشام عن أبيه عروة ، أن الزبير كان طويلا تخط رجلاه الأرض إذا ركب الدابة ، أشعر ، وكانت أمه صفية تضربه ضربا شديدا وهو يتيم ، فقيل لها : قتلته ، أهلكته ، قالت : إنمـا أضربه لكــي يدب
ويجـر الجيش ذا الجلــب
قال : وكسر يد غلام ذات يوم ، فجيء بالغلام إلى صفية ، فقيل لها ذلك ، فقالت : كـيف وجــدت وبـــرا
أأقـطــا أم تمـــرا
أم مشمعـلا صقـــرا قال ابن إسحاق : وأسلم -على ما بلغني- على يد أبي بكر : الزبير ، وعثمان ، وطلحة ، وعبد الرحمن ، وسعد .
وعن عمر بن مصعب بن الزبير قال : قاتل الزبير مع نبي الله ، وله سبع عشرة .
أسد بن موسى ، حدثنا جامع أبو سلمة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن البهي قال : كان يوم بدر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فارسان : الزبير على فرس على الميمنة ، والمقداد بن الأسود على فرس على الميسرة .
وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء ، فنزل جبريل على سيماء الزبير .
الزبير بن بكار : عن عقبة بن مكرم ، حدثنا مصعب بن سلام ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر الباقر ، قال: كانت على الزبير يوم بدر عمامة صفراء ، فنزلت الملائكة كذلك .
وهو ممن هاجر إلى الحبشة -فيما نقله موسى بن عقبة وابن إسحاق- ولم يطول الإقامة بها .
أبو معاوية ، عن هشام عن أبيه ، قالت عائشة : يا ابن أختي كان أبواك -يعني الزبير وأبا بكر- من الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ .
لما انصرف المشركون من أحد ، وأصاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه ما أصابهم ، خاف أن يرجعوا ، فقال : من ينتدب لهؤلاء في آثارهم ، حتى يعلموا أن بنا قوة ، فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين ، فخرجوا في آثار المشركين ، فسمعوا بهم ، فانصرفوا ، قال تعالى : فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ الآية لم يلقوا عدوا .
وقال البخاري ، ومسلم: جابر : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق : من يأتينا بخبر بني قريظة ؟ فقال الزبير : أنا ، فذهب على فرس ، فجاء بخبرهم . ثم قال الثانية ، فقال الزبير : أنا ، فذهب ، ثم الثالثة ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : لكل نبي حواري ، وحواري الزبير . رواه جماعة عن ابن المنكدر عنه .
وروى جماعة ، عن هشام عن أبيه ، عن ابن الزبير قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : إن لكل نبي حواريا ، وإن حواري الزبير .
أبو معاوية : عن هشام بن عروة ، عن ابن المنكدر ، عن جابر ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : الزبير ابن عمتي ، وحواري من أمتي .
يونس بن بكير : عن هشام ، عن أبيه عن الزبير قال: أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي فقال : لكل نبي حواري وحواري الزبير وابن عمتي .
وبإسنادي في المسند إلى أحمد بن حنبل ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا زائدة ، عن عاصم ، عن زر قال : استأذن ابن جرموز على علي وأنا عنده ، فقال علي : بشر قاتل ابن صفية بالنار ، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : لكل نبي حواري وحواري الزبير تابعه شيبان ، وحماد بن سلمة .
وروى جرير الضبي ، عن مغيرة ، عن أم موسى قالت : استأذن قاتل الزبير ، فذكره .
وروى يزيد بن أبي حبيب ، عن مرثد اليزني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : وحواري من الرجال الزبير ، ومن النساء عائشة .
ابن أبي عروبة : عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أنه سمع رجلا يقول : يا ابن حواري رسول الله ، فقال ابن عمر : إن كنت من آل الزبير ، وإلا فلا .
رواه ثقتان عنه ، والحواري : الناصر .
وقال مصعب الزبيري : الحواري : الخالص من كل شيء . وقال الكلبي : الحواري : الخليل .
هشام بن عروة : عن أبيه ، عن ابن الزبير عن أبيه قال : جمع لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبويه .
أخبرنا ابن أبي عصرون ، أنبأنا أبو روح ، أنبأنا تميم المقرئ ، أنبأنا أبو سعد الأديب ، أنبأنا أبو عمرو الحيري ، أنبأنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا حوثرة بن أشرس ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن ابن الزبير قال له : يا أبة ، قد رأيتك تحمل على فرسك الأشقر يوم الخندق ، قال : يا بني ، رأيتني ؟ قال : نعم ، قال : فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذ ليجمع لأبيك أبويه ، يقول : ارمِ فداك أبي وأمي .
أحمد في "مسنده" : حدثنا أبو أسامة ، حدثنا هشام ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير قال : لما كان يوم الخندق ، كنت أنا وعمر بن أبي سلمة في الأطم الذي فيه نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- أطم حسان ، فكان عمر يرفعني وأرفعه ، فإذا رفعني ، عرفت أبي حين يمر إلى بني قريظة ، فيقاتلهم .
الرياشي ، حدثنا الأصمعي ، حدثنا ابن أبي الزناد قال : ضرب الزبير يوم الخندق عثمان بن عبد الله بن المغيرة بالسيف على مغفره ، فقطعه إلى القربوس فقالوا : ما أجود سيفك ! فغضب الزبير ، يريد أن العمل ليده لا للسيف .
أبو خيثمة : حدثنا محمد بن الحسن المديني ، حدثتني أم عروة بنت جعفر ، عن أختها عائشة ، عن أبيها عن جدها الزبير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعطاه يوم فتح مكة لواء سعد بن عبادة ، فدخل الزبير مكة بلواءين .
وعن أسماء قالت : عندي للزبير ساعدان من ديباج ، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أعطاهما إياه ، فقاتل فيهما .
رواه أحمد في "مسنده" من طريق ابن لهيعة. علي بن حرب : حدثنا ابن وهب ، عن ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه : أعطى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزبير يَلْمَقَ حرير محشو بالقَز ، يقاتل فيه .
وروى يحيى بن يحيى الغساني ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قال الزبير : ما تخلفت عن غزوة غزاها المسلمون إلا أن أقبل فألقى ناسا يعقبون .
وعن الثوري قال : هؤلاء الثلاثة نجدة الصحابة : حمزة ، وعلي ، والزبير .
حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، أخبرني من رأى الزبير وفي صدره أمثال العيون من الطعن والرمي .
معمر ، عن هشام عن عروة قال : كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف : إحداهن في عاتقه ، إن كنت لأدخل أصابعي فيها ، ضرب ثنتين يوم بدر ، وواحدة يوم اليرموك .
قال عروة : قال عبد الملك بن مروان ، حين قتل ابن الزبير : يا عروة ، هل تعرف سيف الزبير؟ قلت : نعم . قال: فما فيه ؟ قلت : فلة فلها يوم بدر ، فاستله فرآها فيه ، فقال : ثم أغمده ورده علي ، فأقمناه بيننا بثلاثة آلاف ، فأخذه بعضنا ، ولوددت أني كنت أخذته .
يحيى بن سعيد الأنصاري : عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان على حراء ، فتحرك . فقال : اسكن حراء ؛ فما عليك إلا نبي ، أو صديق ، أو شهيد . وكان عليه أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير .
الحديث رواه معاوية بن عبد الرحمن بن جبير ، عن أبيه ، عن أبي هريرة مرفوعا ، وذكر منهم عليا .
وقد مر في تراجم الراشدين أن العشرة في الجنة ، ومر في ترجمة طلحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : طلحة والزبير جاراي في الجنة .
أبو جعفر الرازي : عن حصين ، عن عمرو بن ميمون قال : قال عمر : إنهم يقولون : استخلف علينا ، فإن حدث بي حدث ، فالأمر في هؤلاء الستة الذين فارقهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وهو عنهم راض ، ثم سماهم .
أحمد في "مسنده" : حدثنا زكريا بن عدي ، حدثنا علي بن مسهر ، عن هشام ، عن أبيه ، عن مروان ، ولا إخاله متهما علينا ، قال: أصاب عثمان رعاف سنة الرعاف ، حتى تخلف عن الحج وأوصى ، فدخل عليه رجل من قريش ، فقال : استخلف ، قال : وقالوه ؟ قال : نعم. قال : من هو ؟ فسكت ، قال : ثم دخل عليه رجل آخر ، فقال له مثل ذلك ، ورد عليه نحو ذلك . قال : فقال عثمان : قالوا الزبير ؟ قالوا : نعم . قال : أما والذي نفسي بيده ، إن كان لأخيرهم ما علمت ، وأحبهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم . رواه أبو مروان الغساني عن هشام نحوه .
وقال هشام ، عن أبيه ، قال عمر: لو عهدت أو تركت تركة ، كان أحبهم إلي الزبير ؛ إنه ركن من أركان الدين .
ابن عيينة : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه قال : أوصى إلى الزبير سبعة من الصحابة ، منهم عثمان ، وابن مسعود ، وعبد الرحمن ، فكان ينفق على الورثة من ماله ، ويحفظ أموالهم .
ابن وهب : حدثنا عمرو بن الحارث ، حدثني هشام بن عروة ، عن أبيه ، أن الزبير خرج غازيا نحو مصر ، فكتب إليه أمير مصر : إن الأرض قد وقع بها الطاعون ، فلا تدخلها ، فقال : إنما خرجت للطعن والطاعون ، فدخلها ، فلقي طعنة في جبهته فأفرق .
عوف : عن أبي رجاء العطاردي ، قال : شهدت الزبير يوما ، وأتاه رجل ، فقال : ما شأنكم أصحاب رسول الله ؟ أراكم أخف الناس صلاة ! قال : نبادر الوسواس .
الأوزاعي : حدثني نهيك ابن مريم ، حدثنا مغيث بن سمي ، قال : كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج ، فلا يُدْخِلُ بيته من خراجهم شيئا .
رواه سعيد بن عبد العزيز نحوه ، وزاد : بل يتصدق بها كلها .
وقال الزبير بن بكار : حدثني أبو غزية محمد بن موسى ، حدثنا عبد الله بن مصعب ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن جدتها أسماء بنت أبي بكر قالت : مر الزبير بمجلس من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحسان ينشدهم من شعره ، وهم غير نشاط لما يسمعون منه ، فجلس معهم الزبير ، ثم قال : ما لي أراكم غير أذنين لما تسمعون من شعر ابن الفريعة ! فلقد كان يعرض به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فيحسن استماعه ، ويجزل عليه ثوابه ، ولا يشتغل عنه ، فقال حسان يمدح الزبير : أقـام علـى عهـد النبـي وهديــه
قال جويرية بن أسماء : باع الزبير دارا له بست مائة ألف ، فقيل له : يا أبا عبد الله ، غبنت ! قال : كلا ، هي في سبيل الله .
الليث : عن هشام بن عروة ، أن الزبير لما قتل عمر ، محا نفسه من الديوان ، وأن ابنه عبد الله لما قتل عثمان ، محا نفسه من الديوان .
أحمد في "المسند" : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم : حدثنا شداد بن سعيد ، حدثنا غيلان بن جرير : عن مطرف : قلت للزبير : ما جاء بكم ؟ ضيعتم الخليفة حتى قتل ، ثم جئتم تطلبون بدمه ؟ قال : إنا قرأنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً لم نكن نحسب أنا أهلها ، حتى وقعت منا حيث وقعت .
مبارك بن فضالة ، عن الحسن ، أن رجلا أتى الزبير وهو البصرة فقال : ألا أقتل عليا ؟ قال : كيف تقتله ومعه الجنود ؟ قال : ألحق به ، فأكون معك ، ثم أفتك به ، قال : إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : الإيمان قيد الفتك ، لا يفتك مؤمن . هذا في "المسند" ، وفي "الجعديات" .
الدولابي في "الذرية الطاهرة" : حدثنا الدقيقي ، حدثنا يزيد ، سمعت شريكا ، عن الأسود بن قيس ، حدثني من رأي الزبير يقتفي آثار الخيل قَعْصا بالرمح ، فناداه علي : يا أبا عبد الله ، فأقبل عليه ، حتى التقت أعناق دوابهما ، فقال : أنشدك بالله ، أتذكر يوم كنت أناجيك ، فأتانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : تناجيه ! فوالله ليقاتلنك وهو لك ظالم ؟ قال : فلم يعد أن سمع الحديث ، فضرب وجه دابته ، وذهب .
قال أبو شهاب الحناط وغيره : عن هلال بن خباب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قال للزبير يوم الجمل : يا ابن صفية ، هذه عائشة تُمَلِّكُ الْمُلْكَ طَلْحَةَ ، فأنت علام تقاتل قريبك عليا ؟ زاد فيه غير أبي شهاب : فرجع الزبير ، فلقيه ابن جُرْموز فقتله .
قتيبة : حدثنا الليث عن ابن أبي فروة أخي إسحاق ، قال : قال علي : حاربني خمسة : أطوع الناس في الناس : عائشة ، وأشجع الناس : الزبير ، وأمكر الناس : طلحة لم يدركه مكر قط ، وأعطى الناس : يعلى بن مُنْيَة وأعبد الناس : محمد بن طلحة ، كان محمودا حتى استزله أبوه ، وكان يعلى يعطي الرجل الواحد ثلاثين دينارا والسلاح والفرس على أن يحاربني .
قال عبد الله بن محمد بن عبد الملك الرقاشي : عن جده ، عن أبي جرو المازني ، قال : شهدت عليا والزبير حين تواقفا ، فقال علي : يا زبير ، أنشدك الله ، أسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : إنك تقاتلني وأنت لي ظالم ؟ قال : نعم ولم أذكره إلا في موقفي هذا ، ثم انصرف . رواه أبو يعلى في "مسنده" وقد روى نحوه من وجوه سقنا كثيرا منها في كتاب "فتح المطالب" .
قال يزيد بن أبي زياد : عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : انصرف الزبير يوم الجمل عن علي ، فلقيه ابنه عبد الله ، فقال : جُبْنا ، جُبْنا ! قال : قد علم الناس أني لست بجبان ، ولكن ذكرني علي شيئا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فحلفت أن لا أقاتله ، ثم قال : تـرك الأمـور التـي أخشـى عواقبها
في الله أحسن في الدنيا وفي الديــن
وقيل : إنه أنشد : ولقـد علمـت لو أن علمي نافعــي
أن الحيــاة مـن الممـات قريــب
فلم ينشب أن قتله ابن جرموز.
وروى حصين بن عبد الرحمن ، عن عمرو بن جاوان قال : قُتِلَ طلحة وانهزموا ، فأتى الزبير سَفَوان فلقيه النَّعِرُ المجاشعي ، فقال : يا حواري رسول الله ، أين تذهب ؟ تعال ، فأنت في ذمتي ، فسار معه ، وجاء رجل إلى الأحنف فقال : إن الزبير بسفوان ، فما تأمر إن كان جاء ، فحمل بين المسلمين ، حتى إذا ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيف ، أراد أن يلحق ببنيه ؟ قال : فسمعها عمير بن جرموز ، وفضالة بن حابس ، ورجل يقال له نفيع ، فانطلقوا حتى لقوه مقبلا مع النعر وهم في طلبه ، فأتاه عمير من خلفه ، وطعنه طعنة ضعيفة ، فحمل عليه الزبير ، فلما استلحمه وظن أنه قاتله ، قال : يا فضالة ، يا نفيع ، قال : فحملوا على الزبير حتى قتلوه .
عبيد الله بن موسى : حدثنا فضيل بن مرزوق ، حدثني شقيق بن عقبة عن قرة بن الحارث ، عن جون بن قتادة قال : كنت مع الزبير يوم الجمل ، وكانوا يسلمون عليه بالإمرة ، إلى أن قال : فطعنه ابن جرموز ثانيا ، فأثبته ، فوقع ، ودفن بوادي السباع ، وجلس علي -رضي الله عنه- ، يبكي عليه هو وأصحابه .
قرة بن حبيب : حدثنا الفضل بن أبي الحكم ، عن أبي نضرة قال : جيء برأس الزبير إلى علي ، فقال علي : تبوأ يا أعرابي مقعدك من النار ، حدثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قاتل الزبير في النار .
شعبة ، عن منصور بن عبد الرحمن ، سمعت الشعبي يقول : أدركت خمس مائة أو أكثر من الصحابة يقولون : علي ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير في الجنة .
قلت : لأنهم من العشرة المشهود لهم بالجنة ، ومن البدريين ، ومن أهل بيعة الرضوان ، ومن السابقين الأولين الذين أخبر -تعالى- أنه رضي عنهم ورضوا عنه ، ولأن الأربعة قتلوا ، ورزقوا الشهادة ، فنحن محبون لهم ، باغضون للأربعة الذين قتلوا الأربعة .
أبو أسامة ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن الزبير قال : لقيت يوم بدر عبيدة بن سعيد بن العاص ، وهو مدجج لا يرى إلا عيناه ، وكان يكني أبا ذات الكرش ، فحملت عليه بالعنزة فطعنته في عينه ، فمات ، فأخبرت أن الزبير قال : لقد وضعت رجلي عليه ، ثم تمطيت ، فكان الجهد أن نزعتها ، يعني الحربة ، فلقد انثنى طرفها .
قال عروة : فسأله إياها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأعطاه إياها ، فلما قبض ، أخذها ، ثم طلبها أبو بكر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض أبو بكر ، سألها عمر ، فأعطاه إياها ، فلما قبض عمر أخذها ، ثم طلبها عثمان منه ، فأعطاه إياها ، فلما قبض وقعت عند آل علي ، فطلبها عبد الله بن الزبير ، فكانت عنده حتى قتل .
غريب ، تفرد به البخاري .
ابن المبارك : أنبأنا هشام ، عن أبيه أن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قالوا للزبير : ألا تشد فنشد معك ؟ قال : إني إن شددت ، كذبتم . فقالوا : لا نفعل . فحمل عليهم حتى شق صفوفهم ، فجاوزهم وما معه أحد ، ثم رجع مقبلا ، فأخذوا بلجامه فضربوه ضربتين ، ضربة على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدر . قال عروة : فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير ، قال : وكان معه عبد الله بن الزبير وهو ابن عشر سنين ، فحمله على فرس ، ووكل به رجلا .
قلت : هذه الوقعة هي يوم اليمامة إن شاء الله ؛ فإن عبد الله كان إذ ذاك ابن عشر سنين .
أبو بكر بن عياش : حدثنا سليمان ، عن الحسن قال : لما ظفر علي بالجمل ، دخل الدار والناس معه ، فقال علي : إني لأعلم قائد فتنة دخل الجنة ، وأتباعه إلى النار ! فقال الأحنف : من هو ؟ قال : الزبير .
في إسناده إرسال ، وفي لفظه نكارة ، فمعاذ الله أن نشهد على أتباع الزبير ، أو جند معاوية أو علي بأنهم في النار ، بل نفوض أمرهم إلى الله ، ونستغفر لهم . بلى : الخوارج كلاب النار ، وشر قتلى تحت أديم السماء ، لأنهم مرقوا من الإسلام ، ثم لا ندري مصيرهم إلى ماذا ، ولا نحكم عليهم بخلود النار ، بل نقف .
قال الواقدي وابن نمير : قتل وله أربع وستون سنة . وقال غيرهما : قيل وله بضع وخمسون سنة ، وهو أشبه .
قال القحذمي : كانت تحته أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة أخت سعيد بن زيد ، وأم خالد بنت خالد بن سعيد ، وأم مصعب الكلبية .
قال ابن المديني : سمعت سفيان يقول : جاء ابن جرموز إلى مصعب بن الزبير -يعني لما ولي إمرة العراق لأخيه الخليفة عبد الله بن الزبير- فقال : أقدني بالزبير ، فكتب في ذلك يشاور ابن الزبير ، فجاءه الخبر : أنا أقتل ابن جرموز بالزبير ؟ ولا بشسع نعله.
قلت : أكل الْمُعَثَّر يديه ندما على قتله ، واستغفر ، لا كقاتل طلحة ، وقاتل عثمان ، وقاتل علي .
الزبير : حدثني علي بن صالح ، عن عامر بن صالح ، عن مسالم بن عبد الله بن عروة ، عن أبيه أن عمير بن جرموز أتى ، حتى وضع يده في يد مصعب ، فسجنه ، وكتب إلى أخيه في أمره ، فكتب إليه أن بئس ما صنعت ، أظننت أني قاتل أعرابيا بالزبير ؟ خل سبيله ، فخلاه فلحق بقصر بالسواد عليه أزج ثم أمر إنسانا أن يطرحه عليه ، فطرحه عليه ، فقتله ، وكان قد كره الحياة لما كان يهول عليه ويرى في منامه .
قال ابن قتيبة : حدثنا محمد بن عتبة ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام ، عن أبيه أن الزبير ترك من العروض بخمسين ألف ألف درهم ، ومن العين خمسين ألف ألف درهم . كذا هذه الرواية. وقال ابن عيينة : عن هشام ، عن أبيه قال : اقتسم مال الزبير على أربعين ألف ألف .
أبو أسامة : أخبرني هشام بن عروة ، عن أبيه عن ابن الزبير قال : لما وقف الزبير يوم الجمل ، دعاني ، فقمت إلى جنبه ، فقال : يا بني ، إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم ، وإني لا أراني إلا سأقتل اليوم مظلوما ، وإن من أكبر همي لَدَيْنِي ، أفترى دَيْنَنَا يبقي من مالنا شيئا ؟ يا بني ، بع ما لنا ، فاقض ديني ، فأوص بالثلث وثلث الثلث إلى عبد الله ، فإن فضل من مالنا بعد قضاء الدين شيء ، فثلث لولدك .
قال هشام : وكان بعض ولد عبد الله قد وازى بعض بني الزبير خبيب وعباد ، وله يومئذ تسع بنات ، قال عبد الله : فجعل يوصيني بِدَيْنِهِ ، ويقول : يا بني ، إن عجزت عن شيء منه ، فاستعن بمولاي ، قال : فوالله ما دريت ما عنى حتى قلت : يا أبة ، من مولاك ؟ قال : الله عز وجل. قال : فوالله ما وقعت في كربة من دَيْنِهِ إلا قلت : يا مولى الزبير، اقض عنه ؛ فيقضيه.
قال : وقتل الزبير ، ولم يدع دينارا ولا درهما ، إلا أرضين بالغابة ، ودارا بالمدينة ، ودارا بالبصرة ودارا بالكوفة ، ودارا بمصر . قال : وإنما كان الذي عليه أن الرجل يجيء بالمال ، فيستودعه ، فيقول الزبير : لا ولكن هو سلف ، إني أخشى عليه الضيعة . وما ولي إمارة قط ، ولا جباية ، ولا خراجا ، ولا شيئا ، إلا أن يكون في غزو مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ، أو مع أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، فحسبت دينه ، فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف ، فلقي حكيم بن حزام الأسدي عبد الله، فقال : يا ابن أخي ، كم على أخي من الدين ؟ فكتمه ، وقال : مائة ألف ، فقال حكيم : ما أرى أموالكم تتسع لهذه؟ فقال عبد الله : أفرأيت إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف ؟ قال : ما أراكم تطيقون هذا ، فإن عجزتم عن شيء ، فاستعينوا بي. وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف ، فباعها عبد الله بألف ألف وست مائة ألف ، وقال : من كان له على الزبير دَيْن ، فليأتنا بالغابة. فأتاه عبد الله بن جعفر ، وكان له على الزبير أربع مائة ألف ، فقال لابن الزبير : إن شئت ، تركتها لكم ، قال : لا ، قال : فاقطعوا لي قطعة ، قال : لك من هاهنا إلى هاهنا ، قال : فباعه بقضاء دَيْنِهِ ، قال : وبقي منها أربعة أسهم ونصف ، فقال المنذر بن الزبير : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال عمرو بن عثمان : قد أخذت سهما بمائة ألف ، وقال ابن ربيعة : قد أخذت سهما بمائة ألف ، فقال معاوية : كم بقي ؟ قال سهم ونصف ، قال : قد أخذته بمائة وخمسين ألفا ، قال : وباع ابن جعفر نصيبه من معاوية بست مائة ألف ، فلما فرغ ابن الزبير من قضاء دَيْنِهِ ، قال بنو الزبير : اقسم بيننا ميراثنا ، قال : لا والله ، حتى أنادي بالموسم أربع سنين : ألا من كان له على الزبير دَيْن فليأتنا فلنقضه ، فجعل كل سنة ينادي بالموسم ، فلما مضت أربع سنين قسم بينهم . فكان للزبير أربع نسوة . قال : فرفع الثلث ، فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائة ألف ، فجميع ماله خمسون ألف ألف ومائتا ألف .
للزبير في "مسند بقي بن مخلد" ثمانية وثلاثون حديثا ، منها في "الصحيحين" حديثان ، وانفرد البخاري بسبعة أحاديث .
قال هشام : عن أبيه ، قال : بلغ حصة عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل زوجة الزبير من ميراثه ثمانين ألف درهم .
المصدر موقع الاحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قم باضافة
مقترحاتك ,تعليقاتك ,ارائك , او ما تحتاجه من مقالات لتزويدك بها
نتلقهاها بصـدر رحب من حضراتكم... حتى المـجـهـولـة منهـا
^_^ بـانـتـظـار تـعـلـيـقـاتــــكمـ :-