هل الجاذبية متساوية فى كل مكان على كوكب الارض؟

الجاذبية الأرضية هى القوى التى تجذب بها الأرض الأجسام المختلفة وهى سبب سقوط الأجسام الحرة إلى أسفل عندما ندفعها إلى أعلى وبسببها يكون لكل جسم على الأرض وزن وتجذب الأرض الأجسام عليها ناحية مركزها وقد اكتشف الفلكيون القدماء

الجاذبية الأرضية عندما راقبوا حركة القمر والكواكب فى الفضاء وقد تساءل العالم الإنجليزى إسحق نيوتن عن سبب دوران تلك الأجرام السماوية فى مداراتها دون أن تفلت لتتحرك بحريتها أينما شاءت ولقد وجد أن تلك القوى الخفية التى جذبت أيضا تفاحته الشهيرة لتسقط على الأرض هى التى تجذب القمر للدوران حولها ولا تتساوى قوى الجاذبية فى كل بقاع الأرض فالجاذبية الأرضية تعتمد على عاملين هما المسافة من مركز الأرض ودوران الأرض ؟

فمنزل على شاطىء البحر هو اقرب لمركز الارض من منزل على قمة جبل لذلك فالجاذبية الارضية فى الاول اقوى من الاخيرة اما  دوران الارض فيقلل من قوى الجاذبية قوى الطرد المركزية الناتجة عن دوران الارض حول محورها تؤثر بقوة مضادة فى الاتجاه   لقوى الجاذبية الارضية مما يقلل منها ولان الارض كرة غير منتظمة الاستدارة فهى مفلطحة عند القطبين ومنبعجة عند خط الاستواء فان قوى الطرد المركزى عند خط الاستواء تكون اكبر منها فى اى مكان اخر على سطح الارض وهو ما يعنى ان الجاذبية الارضية عند خط الاستواء اقل من اى مكان سطح الارض ولذلك يتم دوما اطلاق المركبات الفضائية من قواعد لها على مقربة من خط الاستواء للاستفادة من ضعف الجاذبية الارضية فى توفير الوقود والطاقة حتى وصولها الى مدارها حول الارض وتعد منطقة خليج هدسون فى كندا احد الاماكن التى يظهرفيها بوضوح ضعف الجاذبية فوق سطح الارض هى ظاهرة اكتشف لاول مرة فى الستينيات من القرن العشرين عندما كان يجرى إعداد مخطط لمجالات الجاذبية الأرضية ولقد اقترح العلماء نظريتين لتفسير ذلك الوضع ترتكز النظرية الأولى على عملية الحمل الحرارى Convection التى تحدث فى وشاح الأرض والوشاح وهو الطبقة أسفل القشرة الأرضية وتتكون من الضخور المنصهرة (الماجما) وتوجد بين 60 إلى 124 ميلا تحت سطح الأرض ولأن الماجما شديدة السخونة وتدور باستمرار مع دوران الأرض وتتحرك من مكانها صعودا وهبوطا فإنها تخلق تيارات الحمل الحرارى Convection Currents التى تسحب طبقات الأرض أو الصفائح التكتونية Plate Tectonics إلى أسفل فتهبط القشرة الأرضية كذلك إلى أسفل وهو ما يقلل من كتلتها ولأن الجاذبية تتناسب مع الكتلة فإنه عندما تكون الكتلة صغيرة تكون جاذبية الأرض لتلك الكتلة ضعيفة بالمثل أما النظرية الأخرى فتتعلق بغطاء لورينتايد الجليدى Laurentide Ice Sheet والذى كان يغطى جزءا كبيرا من كندا وشمال الولايات المتحدة الأمريكية فى العصر الجليدى الأخير منذ 20ألف عام ومضت وقد كان سمك طبقة الجليد 2 ميل تقريبا مما شكل ثقلا هائلا على قشرة الأرض التى يغطيها وعندما ذابت طبقة الجليد على مدى 10 آلاف عام ظلت  الأرض منخفضة مما يعنى صغر كتلتها وضعف الجاذبية الأرضية فى مساحتها ومع تعافيها البطىء (تقريبا نصف بوصة فى العام ) تحتاج أرض المنطقة المحيطة بخليج هدسون إلى 5 آلاف عام لكى ترتد إلى موضعها الأصلى ويعتقد العلماء أن كلتا النظريتين قد تكاتفتا معا كلا للتأثير على الجاذبية فى منطقة خليج هدسون . ولحساب تأثير الغطاء الجليدى استخدم العلماء فى مركز هارفارد  - سميثونيان للفيزياء الفلكية البيانات التى جمعتها الأقمار الاصطناعية الخاصة بدراسات الجاذبية واختبارات المناخ Gravity Recovery (And Climate Experiment (Grace

 وهى أقمار صناعية متطورة للغاية تدور على ارتفاع 310 أميال (500كيلو متر ) عن سطح الأرض وتبعد عن بعضها بنحو 137 ميلا (220 كيلومترا) ويمكنها قياس المسافات الدقيقة حتى ميكرون (0,001 ملليمتر ) فعندما يمر القمر الاصطناعى فوق منطقة خليج هدسون فإن الانخفاض فى جاذبية الأرض بعد القمر الاصطناعى قليلا عن الأرض وعندما تلتقط الأقمار الأخرى تلك التغييرات الدقيقة فإنها يمكنها حساب مقدار التغير فى الجاذبية الأرضية وقد ساعدت بيانات أقمار Grace العلماء على إنشاء الخرائط الطبوغرافية لما كان عليه خليج هدسون خلال العصر الجليدى الأخير كما اكتشفوا أن نظرية الغطاء الجليدى تشكل من 25 إلى 45 فى المائة من أسباب اختلاف الجاذبية حول خليج هدسون فى حين تمثل النسبة الباقية نظرية الحمل الحرارى وقد أصبح العلماء أكثر فهما لكيفية تأثير الحمل الحرارى على الجاذبية وتغير موضع القارات مع مرور الزمن وقد قدمت الأقمار الاصطناعية بيانات كثيرة عن الصفائح والأنهار الجليدية التى غطت الأرض منذ آلاف السنين مما يتوقع معه الوصول إلى فهم أفضل لكيفية ارتفاع درجة حرارة الأرض وارتفاع منسوب مياه البحر والتى تؤثر على مستقبلنا

المصدر : العربى العلمى 2012

 .