فى الوقت الذى كان يتم فيه تشخيص 18 ألف حالة لمرض السكر على مستوى العالم يوميا - نعم يوميا - يعانى 26,6 مليون مواطن فى عالمنا العربى سواء فى منطقة الخليج أو فى الدول العربية بشمال أفريقيا من هذا المرض
كما يتوقع تضاعف هذا الرقم بحلول عام 2030 ليصل إلى 380 مليونا
والخوف لا ينبع من المرض نفسه وخطورته فحسب
ولكن من آثاره الجانبية المدمرة أيضا فعلى السبيل المثال نشرت الجريدة النيويورك تايمز
عام 2005 دراسة مفزعة عن أن عدد الأمريكين الذين يفقدون أعضاء
من جسدهم عن طريق البتر سنويا بسبب مرض السكر يبلغ 50 ألف حالة وهم بذلك أكثر من عدد الذين أصيبوا فى المعارك
طوال حرب فيتنام وأن المرض نفسه مسئول عن 3,8 ملايين حالة وفاة سنويا فى الولايات المتحدة فقط بينما
لا يزيد عدد الوفيات جراء مرض الإيدز مثلا فى العالم كله فى الفترة الزمنية نفسها عن 8,1 ملايين حالة .
لكن المشكلة الأكبر تكمن فى أن انتشار المرض فى منطقة
الخليج خصوصا بدأ يأخذ منحى مفزعا فالإحصائيات تؤكد أن نسبة تقدر ب 26,6 بالمائة من الإماراتيين مثلا يعانون بالفعل من المرض
وآثاره الجانبية محتلة بذلك المركز الثانى عالميا فى نسبة المرض وتتبعهاعن قرب ثلة
من الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والبحرين والكويت وعمان ومصر
ومن أبرز الآثار الجانبية التى يعانى منها الإماراتيين نتيجة لهذا المرض تضاعف نسبة
الإصابة بالأزمات القلبية الناتجة عن مرض السكر حتى وصلت ل 31 فى المائة من إجمالى عدد الوفيات لتصبح بذلك سبب الوفاة
رقم واحد فى الإمارات وفى الوقت الذى يشكل فيه الفقر السبب الرئيسى للإصابة بهذه المرض
فى دول العالم الغربى حيث يضطر الفقراء لاستهلاك أطعمة ذات سعرات حرارية عالية لأنها
الأرخص فإن انتشاره فى دول الخليج الغنية يعد نتيجة مباشرة لمظاهر الرفاهية فى المنطقة
ففى غضون جيلين فقط تغيرت الكثير من مظاهر الحياة منطقة الخليج بشكل
جذرى حيث انتقلت تلك الأعمال التى
تتطلب مجهودا بدنيا إلى العمال الوافدين فى الوقت الذى زاد فيه استهلاك السكر والدسم
بشكل كبير كجزء من نمط الحياة الغربى الجديد والذى يعتمد فى أغلبه على الوجبات السريعة
وقد أدى هذا المزيج القاتل من نقص الحركة وزيادة السعرات الحرارية إلى عواقب خطيرة
ليس فقط على المستوى الفردى ولكن على مستوى الاقتصاد كذلك هناك تقديرات بأنه بحلول
عام
2025 فإن 13 فى المائة من كلفة العلاج ككل على المستوى القومى
سيتم توجيهها لمحاربة وعلاج مرض السكر فقط لكن العجيب أن الدراسات على أرض الواقع قد
أوضحت ارتفاع مستوى رضا الأفراد عن حالتهم الصحية عامة فهناك نسبة تبلغ 78 فى المائة من إجمالى التعداد السكانى فى السعودية
مثلا راضون عن حالتهم الصحية بينما تقفز هذه النسبة لتبلغ 88 فى المائة فى الإمارات وفيما أعلنت نسبة 55 فى المائة من السيدات عن رغبتهن فى إنقاض أوزانهن
تتحدث منظمة الصحة العالمية عن نسبة 66 فى المائة من السيدات ذوات الوزن العالى وهذا يوضح
مدى أهمية زيادى التوعية بحجم وخطورة المشكلة ووجوب البدء فى التوعية بها والتعريف
بالصلة الوثيقة بين السكر وزيادة الوزن والأزمات القلبية والإصابة بالعمى وأنماط الحياة
المتعلقة به أو المؤدية إلى حدوثه من الآن فكما أوضح عبدالرزاق المدنى المسئول عن جمعية
الإمارات المرضى السكر أن هناك دائما طرقا أحدث وأفضل للعلاج لكنها لا تنجح أبدا دون
المعاناة الجادة من المريض وقد يستغرق الأمر أكثر من عقد كامل من الزمن حتى تبدأ نتائج برامج التوعية
والحماية من المرض فى الظهور أما على المستوى الدولى فلم يقتصر هذا القاتل الصامت فى
اختيار ضحاياه على دول الخليج الغنية فقط فقد انتشر هذا المرض بشكل مأساوى فى دول أخرى
مثل الهند والصين وجنوب افريقيا حين بدأت الطبقات الغنية والمتوسطة فى التخلى عن عاداتها
الغذائية السليمة التى كانت تحميها منه لصالح العادات الغربية السيئة فى التغذية
الوضع فى الهند التى يبلغ عدد المصابين بالسكر فيها
وحدها نحو 40 مليونا ربما اختلف قليلا لأن هناك شكا كبيرا فى أن
سببا إضافيا جينيا هو المسئول عن زيادة أعداد المصابين فالهنود والباكستيون - وكلاهما ينتميان للأصول العرقية نفسها - ليدهم استعداد كبير لتخزين الدهون فى منطقة البطن
وهو مايرفع نسبة خطورة الإصابة بالمرض بشكل كبير أما فى الصين التى تلاحق الأعداد فيها
حثيثا الهند فقد قدرت منظمة الصحة العالمية نسبة الخسائر التى ستفقدها بحلول عام 2015 نتيجة لخسارة الأيدى العاملة جراء هذا وتوابعه بمائة
مليار دولار . وقد أن الاوان ليقوم العالم ممثلا فى الحكومات ومنظمات
الصحة ومنظمات الخدمات المدنية بدوره فى التوعية والحماية من هذا المرض فمرض السكر
أشبه بقنبلة موقوتة تدق منذ 50 عاما ودأب الجميع على تجاهلها ولكنها تهدد الآن بالانفجار
فى وجوه الجميع ليصبح السكر وباء القرن الحادى والعشرين .
المصدر : العربى العلمى 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
قم باضافة
مقترحاتك ,تعليقاتك ,ارائك , او ما تحتاجه من مقالات لتزويدك بها
نتلقهاها بصـدر رحب من حضراتكم... حتى المـجـهـولـة منهـا
^_^ بـانـتـظـار تـعـلـيـقـاتــــكمـ :-